علامات استفهام حائرة ومحيرة لابد أن تتداعي في ذهن الإنسان حول حياة الروائي العالمي أرنست هيمنجواي، الذي نال جائزة نوبل
عن رائعته الشهيرة (العجوز والبحر) عام 1954، والذي عاش حياته بالطول والعرض، مغامرا في الحرب العالمية الأولي، ومصارعا للثيران في أسبانيا، وكائنا في دول افريقيا إلي أن استقر به المقام في كوبا حتي أخريات حياته. ما الذي دفعه إلي الانتحار، وإلي تلك النهاية الأليمة؟
إن حياة أرنست هيمنجواي حياة مثيرة (1899*1961) منذ ولد في أول بارك بولاية الينوا في السادس والعشرين من يوليو 1899 إلي أن مات منتحر (في الثاني من يوليو عام 1961، وبين الميلاد والموت، عاش الرجل حياته مغامرا، فشارك في الحرب العالمية الأولي، وعمل صحفيا، وذهب إلي أدغال افريقيا وسقطت به الطائرة ونجا من الموت بأعجوبة ، كما انه ذهب إلي أسبانيا، وصارع الثيران، وكاد يموت في إحدي هذه المغامرات، ثم مالبث أن استهوته كوبا بسحر طبيعتها، وأثر ان يمضي بها بقية عمره، فعاش بها عشرين عاما..
وقد انتج مئات من القصص القصيرة واكسبته رواياته التي كتبها شهرة عالمية، خاصة أن معظم هذه القصص ، ابتداء من رائعته (وداعا للسلاح) في عام 1929، مرورا بروايته (لمن تدق الأجراس) التي تناول فيها الحرب الأهلية الأسبانية، إلي روايته الشهيرة التي تحولت إلي فيلم سينمائي عالمي (العجوز والبحر)..
***
وكانت ليهمنجواي هواية غريبة، في أنه لايكتب إلا في حجرة النوم، ويكتب واقفا، وكان يكتب أولا بالقلم الرصاص، وان يكتب يوما مابين 450 و1250 كلمة، والرقم الأعلي بنتيجة عمل إضافي يلتزمه تعويضها عما ينفقه من وقت في صيد السمك..
***
ومن المغامرات التي عاشها هيمنجواي مايقصه علينا الدكتور رؤوف عبيد في كتابه (ظواهر الخروج من الجسد) عن التجارب التي مرت بالروائي العالمي في واقع دنياه، وظهرت بعد ذلك فيما كتبه من إبداع قصصي. فنقرأ أن هذه الحالة وقعت للأديب العالمي عندما كان في التاسعة عشرة من عمره كان يعمل في القنوات المسلحة في إيطاليا، وفي 8 يوليو سنة 1918 كان موجودا في خندق يقرب قرية فوسالتا، وكان يقوم بتوزيع حلوي علي الجنود الإيطاليين عندما سقطت قذيفة نمساوية إلي جواره، فجرح همنجواي في ساقه جرحا غائرا.
وقال فيما بعد لصديقه جي. هيكوك الذي كان يعمل مراسلا أوربيا لإحدي الصحف الأمريكية.
* لقد شعرت أن روحي *أو ما أشبه* خرجت رأسا من جسدي كما لو كنت تنزع منديلا حريريا من جيوبك.. ثم حلقت حول المكان.. وبعدئذ عادت ودلفت ثانية إلي جسمي، ولم أتأت بعدئذ ابدا (أي لم تتكرر الحادثة) وقد أثبت هيمنجواي هذه الحادثة فيما بعد في الفصل التاسع من روايته (وداعا للسلاح) التي كتبها بعد عشر سنين من اختباره هذا أي في سنة .1928 وهذه حالة مألوفة تكررت لاشخاص كثيرين، وتمثل الطرح الروحي التلقائي الذي يحدث في حالة الألم، او الخط الشديد، ولايشترط في صاحبها ان يكون وسيطا روحيا موهوباو سواء أكان هاديا أم محترفا.
***
وعالم هيمنجواي الابداعي عالم رحب فسيح ، وقد اتخذ من تجاربه التي عاشها منبعا لالهاماته الأدبية المختلفة.
وقد سئل الكاتب الكبير : هل الاستقرار العاطفي ضرورة لإجادة الكتابة؟
وكانت إجابته:
* ياله من سؤال، لكنك تستحق عشرة علي عشرة للمحاولة، بإمكانك أن تكتب في أي وقت يدعك فيه الناس وحدك ولايقاطعونك. او بعيارة أخري تستطيع هذا إذا أخذت نفسك بالتزام صارم فيه، لكن أفضل كتابه هي بالتأكيد عندما تكون في حالة حب.
اما اذا كان الأمر سيانا عندك فالأفضل أن أقف عند هذ الحد.
وسئل: وماذا عن الأمان المالي هل يمكن أن يكون هذا مفيدا لإجادة الكتابة؟
قال : إذا جاء اليسر المالي مبكرا، وكنت تحب الحياة كما تحب عملك، فالمسألة تتطلب عزيمة قوية لمقاومة المغربات، ومن أصبحت الكتابة بليتك الكبري ومتعتك الأكبر فلن يوقفها منك سوي الموت.
وإذن فالأمان يغدو عونا كبيرا لك لأنه يدفع عنك القلق. ان القلق يدمر القدرة علي الكتابة، وامتلاك الصحة شر باعتبار انه يولد القلق الذي يهاجم وعيك الباطن، ويدمر معينك العقلي.
***
وكان هيمنجواي كثيرا مايتحدث عن طفولته وكان يقول:
* انني اعتدت عزف التشيللو وأن أمي أبعدتني عن المدرسة سنة كاملة لدراسة الموسيقي، ومزج الألحان، وكانت تظن ان عندي المقدرة لذلك، ولكنني كنت بغير موهبة تماما، وكنا نعزف موسيقي الحجرة ، فكان يقدر علينا من يعرف الكمان، وكانت أختي تعزف الفيولا، وأمي تعزف البيانو، وعن عزفي للتشيللو كنت أسوأ عازف في الوجود، وبالطبع كنت في هذه السنة أؤدي أعمالا اخري.
***
المهم أن هيمنجواي عرف علي مستوي العالم كله كأديب وروائي مرموق، وكانت الصحف تنشر مقالاته وقصصه وأشعاره، وتتحدث أنه كان يملك إرادة حديدية، حتي أنه فقد ذات يوم ماكتبه من أعمال أدبية ، كان قد وضعها في حقيبته، ونسي الحقيبة في القطار، ومع ذلك أصر علي إعادة ماكتبه من جديد.!
ولكن أين هذه الإرادة الحديدية وحب الحياة وهو الذي انهي حياته نهاية مأساوية بيده؟
ان الرجل المحب للحياة ، والذي كان سعيدا ان يطوف العالم، وخاصة القارة الافريقية ذات المناظر الخلابة، والذي سقطت به الطائرة ذات يوم بين أدغالها، ولكن ذلك لم يمنعه أن يواصل رحلاته، بحثا عن الجمال، حتي أنه قرر ان يغارد الولايات المتحدة الامريكية، ويعيش مايقرب من عشرين عاما في كوبا، حتي بعد أن قامت ثورة كاسترو فقد آثر أن يستمتع بجمال هذه البلاد ويعيش فيها، بين الفيلا التي كان يعيش فيها، وبين صيد السمك، وبين الكتابة في حجرة النوم التي ملئت بألوان من الكتب والتماثيل، وأنياب بعض الوحوش التي أجتلبها في رحلاته الأفريقية ولكنه فجأة أصيب بالاكتئاب.. وأصبح عازفا عن الحياة التي ألف أن يحياها، ولم يجد للحياة طعما، ولامذاقا بعد أن ماتت أمه وزوجته، ووجد أنه لامعني لهذه الحياة الذي فقد فيها أعز ما يملك. والتجأ إلي الطب لعله يجد فيه الملاذ.
وقرر الأطباء علاجه بالصدمات الكهربائية في المخ وتحسنت حالته المزاجية بعض الشيء، ولكنه وجد أن هذا العلاج له أثار ومضاعفات سلبية، أثرت علي انتاجه الإبداعي، لأنه فقد القدرة علي التذكر!!
ومن هنا فقد وجد نفسه حزينا كئيبا وحيدا وفقد الرغبة في الحياة نفسها، وقرر أن يعود إلي مسقط رأسه من جديد في شيكاغو.
ولم تطب له الحياة، ولا وجد الدافع لأن يعيش، وهو يقاوم أمراض الشيخوخة المبكرة، فقرر أن يرحل عن الدنيا كلها، فقد دخل إلي حجرة مكتبه، وأحضر بندقية، وصوبها الي جبهته، وضغط علي الزناد، حطمت رأسه، وأنهت حياته عامه .1961
وهكذا انهي الكاتب الكبير حياته برصاصات طائشة، ومات بطريقة عبثية ما كان يظن يوما أن تنهي حياته بتلك النهاية المأساوية البشعة!
عن رائعته الشهيرة (العجوز والبحر) عام 1954، والذي عاش حياته بالطول والعرض، مغامرا في الحرب العالمية الأولي، ومصارعا للثيران في أسبانيا، وكائنا في دول افريقيا إلي أن استقر به المقام في كوبا حتي أخريات حياته. ما الذي دفعه إلي الانتحار، وإلي تلك النهاية الأليمة؟
إن حياة أرنست هيمنجواي حياة مثيرة (1899*1961) منذ ولد في أول بارك بولاية الينوا في السادس والعشرين من يوليو 1899 إلي أن مات منتحر (في الثاني من يوليو عام 1961، وبين الميلاد والموت، عاش الرجل حياته مغامرا، فشارك في الحرب العالمية الأولي، وعمل صحفيا، وذهب إلي أدغال افريقيا وسقطت به الطائرة ونجا من الموت بأعجوبة ، كما انه ذهب إلي أسبانيا، وصارع الثيران، وكاد يموت في إحدي هذه المغامرات، ثم مالبث أن استهوته كوبا بسحر طبيعتها، وأثر ان يمضي بها بقية عمره، فعاش بها عشرين عاما..
وقد انتج مئات من القصص القصيرة واكسبته رواياته التي كتبها شهرة عالمية، خاصة أن معظم هذه القصص ، ابتداء من رائعته (وداعا للسلاح) في عام 1929، مرورا بروايته (لمن تدق الأجراس) التي تناول فيها الحرب الأهلية الأسبانية، إلي روايته الشهيرة التي تحولت إلي فيلم سينمائي عالمي (العجوز والبحر)..
***
وكانت ليهمنجواي هواية غريبة، في أنه لايكتب إلا في حجرة النوم، ويكتب واقفا، وكان يكتب أولا بالقلم الرصاص، وان يكتب يوما مابين 450 و1250 كلمة، والرقم الأعلي بنتيجة عمل إضافي يلتزمه تعويضها عما ينفقه من وقت في صيد السمك..
***
ومن المغامرات التي عاشها هيمنجواي مايقصه علينا الدكتور رؤوف عبيد في كتابه (ظواهر الخروج من الجسد) عن التجارب التي مرت بالروائي العالمي في واقع دنياه، وظهرت بعد ذلك فيما كتبه من إبداع قصصي. فنقرأ أن هذه الحالة وقعت للأديب العالمي عندما كان في التاسعة عشرة من عمره كان يعمل في القنوات المسلحة في إيطاليا، وفي 8 يوليو سنة 1918 كان موجودا في خندق يقرب قرية فوسالتا، وكان يقوم بتوزيع حلوي علي الجنود الإيطاليين عندما سقطت قذيفة نمساوية إلي جواره، فجرح همنجواي في ساقه جرحا غائرا.
وقال فيما بعد لصديقه جي. هيكوك الذي كان يعمل مراسلا أوربيا لإحدي الصحف الأمريكية.
* لقد شعرت أن روحي *أو ما أشبه* خرجت رأسا من جسدي كما لو كنت تنزع منديلا حريريا من جيوبك.. ثم حلقت حول المكان.. وبعدئذ عادت ودلفت ثانية إلي جسمي، ولم أتأت بعدئذ ابدا (أي لم تتكرر الحادثة) وقد أثبت هيمنجواي هذه الحادثة فيما بعد في الفصل التاسع من روايته (وداعا للسلاح) التي كتبها بعد عشر سنين من اختباره هذا أي في سنة .1928 وهذه حالة مألوفة تكررت لاشخاص كثيرين، وتمثل الطرح الروحي التلقائي الذي يحدث في حالة الألم، او الخط الشديد، ولايشترط في صاحبها ان يكون وسيطا روحيا موهوباو سواء أكان هاديا أم محترفا.
***
وعالم هيمنجواي الابداعي عالم رحب فسيح ، وقد اتخذ من تجاربه التي عاشها منبعا لالهاماته الأدبية المختلفة.
وقد سئل الكاتب الكبير : هل الاستقرار العاطفي ضرورة لإجادة الكتابة؟
وكانت إجابته:
* ياله من سؤال، لكنك تستحق عشرة علي عشرة للمحاولة، بإمكانك أن تكتب في أي وقت يدعك فيه الناس وحدك ولايقاطعونك. او بعيارة أخري تستطيع هذا إذا أخذت نفسك بالتزام صارم فيه، لكن أفضل كتابه هي بالتأكيد عندما تكون في حالة حب.
اما اذا كان الأمر سيانا عندك فالأفضل أن أقف عند هذ الحد.
وسئل: وماذا عن الأمان المالي هل يمكن أن يكون هذا مفيدا لإجادة الكتابة؟
قال : إذا جاء اليسر المالي مبكرا، وكنت تحب الحياة كما تحب عملك، فالمسألة تتطلب عزيمة قوية لمقاومة المغربات، ومن أصبحت الكتابة بليتك الكبري ومتعتك الأكبر فلن يوقفها منك سوي الموت.
وإذن فالأمان يغدو عونا كبيرا لك لأنه يدفع عنك القلق. ان القلق يدمر القدرة علي الكتابة، وامتلاك الصحة شر باعتبار انه يولد القلق الذي يهاجم وعيك الباطن، ويدمر معينك العقلي.
***
وكان هيمنجواي كثيرا مايتحدث عن طفولته وكان يقول:
* انني اعتدت عزف التشيللو وأن أمي أبعدتني عن المدرسة سنة كاملة لدراسة الموسيقي، ومزج الألحان، وكانت تظن ان عندي المقدرة لذلك، ولكنني كنت بغير موهبة تماما، وكنا نعزف موسيقي الحجرة ، فكان يقدر علينا من يعرف الكمان، وكانت أختي تعزف الفيولا، وأمي تعزف البيانو، وعن عزفي للتشيللو كنت أسوأ عازف في الوجود، وبالطبع كنت في هذه السنة أؤدي أعمالا اخري.
***
المهم أن هيمنجواي عرف علي مستوي العالم كله كأديب وروائي مرموق، وكانت الصحف تنشر مقالاته وقصصه وأشعاره، وتتحدث أنه كان يملك إرادة حديدية، حتي أنه فقد ذات يوم ماكتبه من أعمال أدبية ، كان قد وضعها في حقيبته، ونسي الحقيبة في القطار، ومع ذلك أصر علي إعادة ماكتبه من جديد.!
ولكن أين هذه الإرادة الحديدية وحب الحياة وهو الذي انهي حياته نهاية مأساوية بيده؟
ان الرجل المحب للحياة ، والذي كان سعيدا ان يطوف العالم، وخاصة القارة الافريقية ذات المناظر الخلابة، والذي سقطت به الطائرة ذات يوم بين أدغالها، ولكن ذلك لم يمنعه أن يواصل رحلاته، بحثا عن الجمال، حتي أنه قرر ان يغارد الولايات المتحدة الامريكية، ويعيش مايقرب من عشرين عاما في كوبا، حتي بعد أن قامت ثورة كاسترو فقد آثر أن يستمتع بجمال هذه البلاد ويعيش فيها، بين الفيلا التي كان يعيش فيها، وبين صيد السمك، وبين الكتابة في حجرة النوم التي ملئت بألوان من الكتب والتماثيل، وأنياب بعض الوحوش التي أجتلبها في رحلاته الأفريقية ولكنه فجأة أصيب بالاكتئاب.. وأصبح عازفا عن الحياة التي ألف أن يحياها، ولم يجد للحياة طعما، ولامذاقا بعد أن ماتت أمه وزوجته، ووجد أنه لامعني لهذه الحياة الذي فقد فيها أعز ما يملك. والتجأ إلي الطب لعله يجد فيه الملاذ.
وقرر الأطباء علاجه بالصدمات الكهربائية في المخ وتحسنت حالته المزاجية بعض الشيء، ولكنه وجد أن هذا العلاج له أثار ومضاعفات سلبية، أثرت علي انتاجه الإبداعي، لأنه فقد القدرة علي التذكر!!
ومن هنا فقد وجد نفسه حزينا كئيبا وحيدا وفقد الرغبة في الحياة نفسها، وقرر أن يعود إلي مسقط رأسه من جديد في شيكاغو.
ولم تطب له الحياة، ولا وجد الدافع لأن يعيش، وهو يقاوم أمراض الشيخوخة المبكرة، فقرر أن يرحل عن الدنيا كلها، فقد دخل إلي حجرة مكتبه، وأحضر بندقية، وصوبها الي جبهته، وضغط علي الزناد، حطمت رأسه، وأنهت حياته عامه .1961
وهكذا انهي الكاتب الكبير حياته برصاصات طائشة، ومات بطريقة عبثية ما كان يظن يوما أن تنهي حياته بتلك النهاية المأساوية البشعة!
الخميس أكتوبر 16, 2014 8:15 am من طرف ريماس
» فلل للبيع...
الأربعاء مارس 12, 2014 8:15 am من طرف راجية الرحمة
» فلل للبيع في مكة
الأربعاء مارس 12, 2014 8:10 am من طرف راجية الرحمة
» افتراح صغير يرجى الرد باسرع وقت ممكن
الإثنين مايو 27, 2013 1:19 am من طرف عباده ابو ادم
» قدري
الأحد سبتمبر 16, 2012 2:55 pm من طرف امواج القدر
» مرحبا
الأحد سبتمبر 16, 2012 2:07 pm من طرف امواج القدر
» فلسطين
الأحد سبتمبر 16, 2012 2:28 am من طرف امواج القدر
» نكتة بتضحك كتير
الأحد سبتمبر 16, 2012 2:19 am من طرف امواج القدر
» لمره واحدة تكفي طوال العمر
الثلاثاء أكتوبر 11, 2011 5:25 am من طرف اسيرة الخيال
» نصيحة
الثلاثاء أكتوبر 11, 2011 5:21 am من طرف اسيرة الخيال